إيقاف الحرب و بناء السلام و بناء الدولة ..
يمنات
أحمد الخامري
عدا عن ما يبرر الحرب وما يبرر ايقافها حبيت ان اشارككم بعض الافكار حول المسار السلمي الذي اذا ما تم تحديده والاتفاق عليه اصبح هو صمام الامان امام العودة للاقتتال. كثير مما يتم مناقشته وتحليله حول الاحداث الجارية في اليمن يندرج تحت نظريتين عامتين وهما بناء السلام وبناء الدولة. أغلب الاصوات والضغوطات المعلنة والمطالبة بإيقاف الحرب منقسمة الى شقين احدها مرتبط بمبرر ما تسببت به الحرب من دمار، والاخر يربط توقف المعارك بالاعتماد على عملية ومسار سياسي يؤدي إلى سلام واستقرار دائمين. ولكن معظم الحوارات وحتى بعض الجهود على الارض لا تراعي اهمية الاختلاف بين نظريتي بناء السلام وبناء الدولة او التقائهما وبالتالي هناك تصادم او تفاوت في تبرير المطالبات و وجهات النظر او الانشطة بسبب هذا الاغفال. قد يكون هذا السبب الرئيس في فقدان الثقة بين عدة اطراف في المشهد اليمني. فمتى تكون مرحلة بناء السلام ومتى تكون مرحلة بناء الدولة وما اهمية ربطهما بجهود إيقاف الحرب.
في البداية اوضح ان هذا المنشور يرتكز على فرضية مدرسة السياسة الفكرية الليبرالية او التعددية والتي تفترض ان البشر واطراف الصراع لديها في الاصل نوايا تعايش إيجابية وبالتالي تركيز الجهود يجب أن يكون من خلال ضغوطات سياسية دبلوماسية و ان تهدف إلى إعادة بناء الثقة و ايجاد القاسم المشترك بين الاطراف.
اما بعد، يشير مركز موارد الحوكمة والتنمية الاجتماعية البريطاني (GSDRC) في منشوراته ذات الصلة الى ان نظرية بناء السلام نشأت في التسعينات (حقبة الصراع بين الدول بعد الحرب الباردة) بينما نظرية بناء الدولة نشاءت في بداية الالفية وبالتالي تأثرت ملامحها بعوامل التدخل الامريكي في العراق، الخ. ويبين ان كلا النظريتان تهدفان الى ترشيد انتقال البلد او الظرف المعني من حالة الهشاشة الى حالة الاستقرار. ولكن وكما نستوحي من الاسم، تركز منهجية بناء السلام على وضع اطراف الصراع من خلال المحادثات والاتفاقيات والضمانات معتمدة إلى حد كبير على المجتمع المدني بينما تركز منهجية بناء الدولة على قدرة وشفافية وتجاوب الدولة معتمدة إلى حد كبير على اجهزة الدولة.
وفي دراسة اعدها معهد التنمية الالماني (DIE) في 2009 حول العلاقة بين بناء السلام وبناء الدولة، بطلب من منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD) ، تبين أن العلاقة مترابطة قد تكون تكاملية او تناقضية. وتعمقت الدراسة لتبين ان التعامل مع هذه المنهجيات في السابق بشكل انعزالي تسلسلي هو ما اوجد التناقض في غالب الاحيان. وخلصت الدراسة الى ما هو متعارف عليه الان في وكالات التنمية الدولية والمختصون في شؤون الدول الهشة والمتأثرة بالصراعات، أن استمرار عودة حلقات الصراع مرتبط بعوامل التفتت الاجتماعي و الاضطراب السياسي و انهيار مؤسسات الدولة. وبما ان الاستقرار يعتمد على ان تكون الدولة بالمعنى العام ممثلة للمجتمع المحلي ومختلف اطيافه السياسية و ان تكون سلطاتها قادرة على خدمتهم و متجاوبة مع متطلباتهم فإن جهود بناء السلام وبناء الدولة يجب ان تكون محادية ومكملة لبعضها الاخر.
ان تاريخ الصراع في اليمن، لمن يتفق معي، يبين اننا نعيش حلقة تصعيدية من صراع غذته عوامل فشل في بناء السلام وبناء الدولة على حد سواء. هذا اذا ما اعتبرنا اي عوامل خارجية سلبية على المستوى الاقليمي اوالدولي ايضا متأثرة بهذا الفشل. على افتراض انه عند غياب مشروع وطني شامل و معترف به فإن القوى الخارجية تقتصر في تعاملها مع ماهو اقل ضررا او خطرا على مصالح شعوبها.
بالتالي ينبغي علينا كأفراد ينتمون الى المجتمع اليمني، ان ندرك اهمية محاداة بناء الدولة ببناء السلام فإنه لا يمكن ان يكون الجيش وطني لطرف على طرف ولا ان تكون مطالبات الانفصال او انكارها مؤججة لمزيد من التشتت ولا ان يكون هناك افضلية او تهميش مبني على السلالية او المناطقية او الطبقية.
كما ينبغي علينا ان نلزم الجهود الدولية ممثلة بالمبعوث الدولي من ان تعي اهمية وضع ومشاركة اطار واضح يساعد على وضع اللبنات الاولى لبناء السلام وبناء الدولة كسبيل يضمن ايقاف الحرب على منهجيات واسس ثابتة و متماشية مع تجربات و سياسات المراكز والوكالات الدولية.
وفي النهاية ينبغي على الاطياف السياسية تحمل مسؤليتها، بما انها الجسر بين المجتمع والدولة والمجتمع الدولي، من خلال بذل المزيد من الجهد لايجاد توازن بين بناء الدولة وبناء السلام في خطاباتها و مواقفها.
للاشتراك في قناة موقع يمنات على التليجرام انقر هنا
لتكن أول من يعرف الخبر .. اشترك في خدمة “المستقلة موبايل“، لمشتركي “يمن موبايل” ارسل رقم (1) إلى 2520، ولمشتركي “ام تي إن” ارسل رقم (1) إلى 1416.